الأحد، 12 يناير 2014

يوم في حياة أسرة بدوية
الباحث أ . عرفان حمد أبوهويشل

تأقلم البدوي مع حياة الصحراء القاسية هو وأسرته وحيواناته واكتفى بأقل القليل من الموارد, بل لقد اقتصرت حياته على الضروريات فقط, وأمام هذا الواقع الصعب اشترك جميع أفراد الأسرة في العمل لتوفير الحد الأدنى للمعيشة.
وسوف نفصل العمل اليومي لأفراد الأسرة حسب النوع والسن

أولاً: الرجال:
يتوجه جميع الذكور البالغين للعمل بعد صلاة الفجر مباشرة وذلك حتى يستفيدوا من طراوة الجو قبل أن تشرق الشمس وتلقي بصهدها على رمال الصحراء. ويسمي البدو عملية الخروج قبل طلوع الشمس للعمل أو السفر "السروه"
ومن الأعمال التي كانوا يقومون بها؛ بذر الأرض وحراثتها ومراقبة الزروع أثناء نموها من تنظيف من الأعشاب والحراسة وحصاد المزروعات ودرسها وتنقيتها وتخزينها ثم نقل وبيع هذه المنتجات في أسواق المدن القريبة كغزة وخان يونس والخليل.
كما أن بعض الرجال كانوا يذهبون إلى مناطق شمال فلسطين للعمل في الزراعة والبناء والتجارة.
أما الرجال الطاعنين في السن والذين لا يستطيعون العمل فإنهم كانوا يقضون يومهم في الشق في الحديث وشرب القهوة.

ثانيا: الأولاد (الفتيان) والبنات:
يخرجون في الصباح مع أغنامهم وإبلهم لرعيها في أماكن الرعي وقد يأخذون معهم القليل من الطعام والماء .. خاصة وأنهم كانوا يرعون في أماكن بعيدة عن العمران كما أنهم كانوا يأكلون بعض الأعشاب البرية الصالحة للأكل.
ويقضي الفتيان نهارهم في الألعاب التي تناسب الذكور كالسباق والمباطحة (المصارعة) والكورة كما أنهم يقومون بصيد الطيور بأفخاخ يشترونها من المدن المجاورة .. وقد يحمل أحدهم شبابته ويقوم بالعزف عليها بقرب أغنامه فيطربها ويطرب السامعين.
وأما البنات فتقضي نهارها مع الأغنام في غزل الصوف وتطريز الثياب والحديث.
ويذهب الرعاة يومياً مع قطعانهم إلى مصادر الماء لإروائها, وقد يكون ذلك مجاناً إذا كان مصدر الماء عاماً, أو مقابل ثمن إذا كانت مصدر المياه ملكاً خاصاً.  
وقرب مغيب الشمس يبدأ الرعيان في العودة إلى البيوت, فيتناولون طعام العشاء ثم يذهبون مبكرين للنوم استعداد ليوم عمل جديد كسابقه, إلا إذا كانت هناك مناسبة سعيدة كالعيد أو الزواج أو الطهور فيذهبون مع الرجال إلى حلبات "الدحية" و"السامر".

ثالثا: النساء:
تقوم النساء بالأعمال البيتية من إعداد الطعام وجمع الحطب وجلب الماء وغزل الصوف ونسجه حيث يصنع منه الشقق (جمع شقة) لصناعة بيت الشعر وكذلك الغفور(جمع غفرة) والوسائد والأخراج  وكذلك زينة النساء كالقراميل ... إلخ.
ومن الجدير بالذكر إن الطعام كان يُعد كل وجبة في حينها حيث تأخذ المرأة الحبوب فتطحنها علي الرحى ثم تقوم بعجنها وخبزها، وفي كل وجبة كان يتكرر ذلك الأمر .. بالإضافة إلى إن المرأة البدوية كانت معرضة لإيقاظها من النوم لإعداد وجبة طعام إضافية إذا حدث وحضر أحد الضيوف فجأة في الليل. ولذلك فإنها قبل أن تنام تجهز المواد اللازمة لذلك مثل الحطب والدقيق والماء. وطبعاً تقوم المرأة بكل هذه الأعمال بجانب مهنتها الأساسية وهي تربية ورعاية أطفالها.

أطفال الأسرة الصغار:
يلعب أطفال الأسرة الصغار بنيناً وبنات حول البيوت, كما يقومون برعاية البهم (صغار الحيوانات) التي لا تستطيع الذهاب إلي المرعي مع أمهاتها .. وتلعب صغار البنات ب "العاجة" (العروس) حيث يقمن بتقليد أمهاتهن في حياتهن اليومية.

من كل ما سبق ندرك أن المجتمع البدوي لم يكن مجتمعا خاملا كما يتوهم البعض. بل كان يموج بالحركة والعمل الشاق في ظروف قاسية لا يستطيع العمل فيها إلا البدو. ولو قارنا حالنا اليوم بحالهم بالأمس لوقفنا إجلالاً وتقديراً لما كانوا يبذلونه من جهد لتوفير سبل معيشتهم البسيطة.                                                                                                          

           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق