الأحد، 15 أكتوبر 2017

جولة في كتاب الأدب الشعبي لبدو النقب وسيناء.. بقلم / عصام الشافعي
03:21 - 14 تشرين أول / أكتوبر 2017
فلسطين اليوم

إن الإرادة الفولاذية والتصميم الواعي والطموح الراقي يحلق بصاحبه فوق العثرات الكأداء والصعاب الثقيلة بشتى صنوفها ومشاربها ،هذا ما برز جلياً بعد أن عزز الباحث المجتهد عرفان حمد أبو هويشل موسوعته "التراث الشعبي البدوي" بكتاب جديد تحدث فيه هذه المرة عن الأدب الشعبي البدوي ، فبعد كتابيه السابقين " الأقوال والأمثال السائرة لبدو النقب وسيناء " وكتاب " قضاء بئر السبع الإنسان والزمان والمكان ".
وتحدث أ عرفان في هذا الكتاب عن الأدب الشعبي البدوي بمختلف ألوانه والتي أسماها الباحث أبو هويشل على النحو التالي : القصيدة ، الدحية ، المربوعة ، السامر ، غناء الهجيني وما تفرع عنها من فروع أصغر . وفي هذا الكتاب تتسع دائرة اهتمام الباحث بالمحيط البدوي الذي يعشقه ويشعر أنه يتخلل أدق تفاصيل حياته, لتتضمن موسوعة الباحث أبو هويشل العواطف والمشاعر والأفكار والأخيلة التي تمتع بها الإنسان البدوي البسيط ورافقته دائما ويأتي ذلك على لسان شعراؤهم الذين يعيشون نفس الظروف ويرتبطون بنفس الروابط القبلية والعشائرية والشخصية . وقد احتوى هذا الكتاب على ثلاثة أبواب رئيسة وقد وضعها على النحو التالي : الباب الأول : باب الغناء
الباب الثاني : باب منوعات من الأدب الشعبي
الباب الثالث : معجم اللهجة المحكية
احتوى الباب الأول على مجموعة من القصائد البدوية المنتقاة الهادفة التي أبرزت الكثير من المورث الأخلاقي والأدبي للإنسان البدوي وما يجب أن يتحلى به في صورة بديعة من النصائح والإرشادات والمواعظ فنراه مثلا يورد ما يدعو للفضيلة والخلق الحسن مثل :
دنياك لو تسوى من الحزن ذرة ** ما كان تواليه توابيت وقبور
واسجد لرب الكون مرة ومرة ** وأحفظ لسانك واترك الكذب والزور
وفروض ربك خلها مستمرة ** وطاعتك لا يدخل فيها نقص وقصور
وتنوعت وتعددت الأغراض في هذه القصائد فتضمنت الفخر والغزل والهجاء والنصائح .
وفي الباب الثاني الذي أسماه الباحث أبو هويشل : منوعات من الأدب الشعبي .
بذل الباحث جهدا مميزا بهدف إثراءه بالدرر والنوادر التي تحمل القارئ للعيش في البيئة التي أراد الباحث أن يوصل قارئه إليها مستعينا بأشعار وطرائف ومواعظ ومواقف ومقولات وقصص وأقوال المناسبات التي اشتهر بها البدوي والتي تعبر عن ثقافة مجتمع صاحب موروث بيئي وثقافي مميز ، وقد تميز هذا الباب بإضافات مميزة للباحث نفسه حيث أنه قد صاغ العديد من القصص التي أوردها لتلاءم الهدف الذي أوردها لأجله مثل قصة :  " الصديق " و" عيد وأخيه الشيخ " و"فروة أبو الحصين " وغيرها من القصص المذكورة .
وقد ختم الباحث النشيط والمجتهد عرفان أبو هويشل كتابه
"معجم اللهجة المحكية لبدو النقب وسيناء"
وهذا الباب الأخير زينه أبو هويشل بتفسير للهجة البدو في النقب وسيناء بحيث يسهل على المطلع والقارئ فهم ما يشكل عليه من غموض حيث أن كثير من الألفاظ التي تحدث بها بدو النقب وسيناء قديما لم تعد متداولة الآن والكثير لا يعرف معناها أو مدلولاتها و مناسبتها فمثلا ما هو المقصود ب " الإبل الصافية والبليم وتحت الفراش والجيرة " وغيرها من الألفاظ لم نعد نسمعها إلا في حالات نادرة في مجالس القضاء العشائري والتي يشعر بعض الحاضرين أنهم بحاجة لترجمان ليفهمهم ما غم عليهم .
بحق إن هذا الكتاب هو إضافة معرفية راقية لكل متتبع وباحث في هذا المجال وإثراءً لمكتبة التراث الشعبي البدوي بشكل أوسع وهو أيضا تعزيزاً لرصيد الباحث والأديب عرفان أبو هويشل وتوسيعاً حقيقياً لموسوعته التي تتوسع بمرور الأيام بإصراره وعزيمته رغم كل الصعاب التي يكابدها والتي يسعى دوما لتذليلها وإذابتها بطموح متقد ومتوهج .