الاثنين، 27 أغسطس 2018


مخاض الخروج من الوادي
أمسك بآخر صخرة .. تشبث بها وصعد إلي القمة .. كان الصعود قد استنفذ كل قواه .. جلس علي القمة يعب الهواء عباً .. كان هواء مختلفٌ .. لم يكن هواءً بل كان عبقاً لروائح كل الأزهار .. كلما استنشق كمية أكبر كلما ازداد نشوة وخدراً .. كان كالجنين عندما يقتحم النور .. لكنه لم يستهل صارخاً .. بل بسمة غطت وجهه وروحه .. كم قاسي حتى وصل إلي هذا المكان, وكانت الجائزة الكبرى عبق الأزهار يملأ صدره ونشوة تفوح من بين جنبيه.
بعدما عب ما شاء الله له أن يرتوي .. اعتدل في جلسته ونظر إلي الأسفل .. رأى الوادي فانقبض صدره وزال الخدر .. دقق النظر .. كان الناس يسيرون في الوادي كالأقزام .. تذكر كُهان الوادي وكم طاف حول أصنامهم .. كم هتف بحياتهم .. كم مات من أجلهم .. كاهن يخلفه كاهن وهو مع الآخرين يطوف حولهم .. حفظ تفاصيل الوادي شبراً شبراً, فلم يكن يعرف من الدنيا سواه .. حفظ مقولات الكاهن عن ظهر قلب, فهو لم يسمع غيرها, كم أكل هو والآخرون من فتات مائدة الكاهن .. كان الكاهن يطوف وهم يطوفون حوله, سئم الطواف ولكن الكاهن لم يسئم, وظلت الرحى تدور يسمع هديرها من يسمع ويموت تحتها من ترميه المقادير .. كم مرة طحنته الرحى فتشظى أشلاءً .. ولكنه كان يلم أشلاءه وينهض .. أخيرا قرر الخروج من الوادي, وكان قرارٌ صعبٌ وغير مسبوق.
نظر إلى الأسفل مرة ثانية .. لعجبه كانت هناك وديان أخرى كثيرة في الأسفل, كان لا يعرف عنها شيئا قبل ذلك, شكلها العام لا يختلف عن واديه .. وكان الناس فيها يطوفون كالأقزام .. سأل نفسه:
ـ هل في الوديان الأخرى كهنة آخرون؟
دقق النظر, كان الأقزام يطوفون في كل وادي حول رجل طويل .. تذكر كاهن واديه .. تأكد بأن في كل وادٍ كاهناً .. تذكر بمرارة تعاليم الكاهن؛ لا تلتفت .. لا تسأل .. لا تناقش.. لا تعترض .. وإياك إياك والخروج من الوادي فتلك جريمة كبرى قد يكون جزاؤها الموت شنقا أو علي الخازوق.
حفظ تعاليم الكاهن كلمة كلمة وحرفاً حرفاً .. تشربها .. كان يفكر من خلال الكاهن ويتكلم بلسان الكاهن, لقد أحب الكاهن حباً جماً ملك عليه شغاف قلبه, ولكنه بالتدريج بدأ يكتشف بأن الكاهن كان يخدعهم؛ فقد كان لا يطبق التعاليم التي يلقنها لمريديه .. كان يقول شيئا ويتصرف بنحو مخالف .. ولكن المريدين في طوافهم المحموم حوله لم يكونوا ينتبهون لذلك التناقض .. أما هو فقد فتح الله عليه وبدأ ينظر إلي الكاهن نظرة مختلفة, بدأ يقارن بين ما يقوله لمريديه وبين ما يفعله في حياته الخاصة .. وجد فارقاً كبيراً وتناقضاً فاضحاً .. اتضحت الفكرة تماماً .. لقد كان الكاهن يخدع مريديه.
قرر ترك الوادي والصعود نحو القمة. كانت رحلة الصعود شاقة .. فلم يكن من السهل الانطلاق من جاذبية الوادي .. كان المخاض عسيراً ثم كانت الولادة .. واستنشق الهواء في القمة .. واستهل مبتسماً .. نظر للأسفل كانت كل الوديان تحته والناس فيها أقزاما يطوفون حول كهنتهم .. شعر بالتفوق وكان عبق أزهار الدنيا يملأ صدره.
(الكاتب: أ. عرفان حمد أبوهويشل)


الأربعاء، 15 أغسطس 2018



الكتاب الرابع من موسوعة التراث الشعبي البدوي

غزة - الحياة الثقافية (14/8/2018)- سامي أبو عون-

بحث الباحث عرفان أبو هويشل في مدى التاريخ ومدى
الايضاح في تعريف المعنى
لرسم العادات والتقاليد وكسب ثقافة مأخوذة من
رتابة الفصول والتعامل مع الاشياء في يومياتهم
لعصرنة الشجاعة وفاء للصحراء وطقوسها مثل
الخيل والجمل هم الذين يسيرون على الماء
وحدهم يستطيعون جلد العيش لذلك نرى البدوي
لا يحب عيش الاتكاء فهو عشق الصحراء ومحادثات
القمر ومسمياته والذي يمضي عبر مفردات الحديث
ليبلل ظمأ الارتواء حتى تتضح خيوط الانسلاخ
وتبدأ مواسم التهيؤ الى اسرار التو الغيور بمعنى
الصيد والرزق فالبدوي افنى كله واذاب الخطى في
عرق الكشف حيث دوران الصحراء لتلتصق بعملية
المماهاة وتنتج عن ذلك بصيرة الرؤى في اعتلاء
سرج العين عندئذ تنتشي شوكة التدير في اكتتابها
للبدوي كل ذلك يأتي من خلال التراث المنقول من
ذوبان جلد الصحراء في قوام البدوي وخطاه وهنا
نستطيع القول عن مرحلة الغزو وقبيل الغزو يقول
الشاعر:
"اللي يموت خليه يموت
خليه يزور المقبرة
يا بيض لا تحدن عليه
عيب علي ما يحضن المنايا
ويشتري في سوقها ويبيع
والعز في ظهر الصفايا
والعمر عند الله وديع"
كون الشاعر يعني ان البدوي شجاع وعند الشدائد
تبان الفرسان
بمعنى لا يوجد مكان للجبان في ثقافة الصحراء
لذلك لملم الباحث عرفان أبو هويشل المفردات
التي حطت من خلال مدى العصور على حد سواء ان
كان ذلك من المستشرقين أو عربًا ليؤكد ان البدو
لهم ماض عريق فهم اهل التكوين في الموروث
العربي ان كان ذلك في الخليج أو في مصر أو في
بلاد الشام .
فهم يقطنون مساحات شاسعة من الوطن العربي
فلهم احترام في الحكومات العربية وشأن عظيم
في عصرنا فهم برهنوا بانهم اهل خبرة وادارة
وقيادة ومن العلم لهم نصيب وافر وارث مميز بين
الشعوب ومنهم العلماء في مناحي الحياة والقدرة
على التحمل والصبر وجلد المواقف
ان هذه الموسوعة تؤكد ان ثقافة البدوي اصل
الثقافة العربية مثل اللغة والشعر وبناء الكلمة
والمعنى والمفردات والقدرة على صياغة انواع
الابداع وعلى أوتار الربابة يغزل الدفء
ومن اخفاف الابل يأتون بوزن القصيدة مثل احمد
الفراهيدي صاحب ميزان الوزن في العروض
ان كل هذه الاشياء لولا اهل الصحراء ما كان لنا
ان نصبح في نصاب مكتمل بهذه التجربة الحياتية
الباحث عرفان أبو هويشل اقتطع من قوت أولاده
على مدى عشرون عاما حتى انجز هذه الموسوعة
والذي لملم اكيدها على مر عشرين عاما ومن حبات
الجلد والعرق والصبر والجهد والسفر داخل المكان
والتنقل حيث المسموح به ليكلل ذلك بإثبات حق
بدو الصحراء في نهضة الحياة الجديدة واسهاماتهم
المباشرة في بناء شعب يستطيع العيش بكرامة
على حد سواء
البدوي والحضري والفلاح فالكل تشابك عبر
السنين والمعرفة دليل التعايش
وفي هذا الوقت اندمجت الدماء ليصبح البدوي خال
الحضري والفلاح خال البدوي
وكما قال رسول الله (ص) : (اغتربوا ولا تضووا)
وفي النهاية نقول شكرا للباحث عرفان أبو هويشل
على هذه الموسوعة الذي اخد اشياءها من شعاب
حرارة الصحراء ونسج من خيوط الاثبات حق ظهور
الثقافة الصحراوية في الوقت الحاضر
هذه الموسوعة ..
المكتنزة بحقيقة المخبوء والتي تم ايضاحها من
خلال البحث لذلك جاء فيها تفاصيل بدو الصحراء
وثقافة السنين المنقولة عبر خيمة المعنى
واشتقاق المفعول والخلاصة صفاء المفهوم في
ثقافة انتجت للتاريخ شتى مناحي الحياة
المعنى في التكوين الأول
(سامي أبو عون ... مراسل صحيفة الحياة الجديدة)

الأحد، 5 أغسطس 2018


صدور كتاب "الأمن والصراع في التراث الشعبي البدوي" للباحث: عرفان حمد أبو هويشل 

يقع الكتاب في  176صفحة من القطع الكبير .
ويبحث الكتاب قضايا الامن والصراع في التراث البدوي.
ويدور حول محورين
الأول محور نظري (وصفي) :وقد استقى الباحث معلوماته من محفوظاته ومرويات كبار السن ومن الكتب التي تناولت تراث البدو وثقافتهم الامنية في اقطار المشرق العربي، مستعينا بكل ما وقعت عليه يده من الكتب التي كتبها أبناء البادية او الموظفون الحكوميون او الرحالة او المستشرقين.

والمحور الثاني تطبيقي (تاريخي مكاني): تناول فيه الكاتب منطقة محددة وهي المنطقة التي تشمل كل من النقب الذي يمثل الجزء الجنوبي من فلسطين، ومنطقة جنوب الخليل، وصحراء سيناء وشمال غرب الاردن، وكل هذه المناطق كانت تسكنها القبائل البدوية  واما الزمان فمنذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الاولى.