الجمعة، 21 مارس 2014

التراث الشعبي "الفولكلور"

تعريفه:

هو مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلي الخلف, فهو مجموع معارف الناس العامة التي احتفظت بها الذاكرة الشعبية عبر العصور, وهو نتاج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب, بل يمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع.
وهو علم جديد نشأ في حوالي منتصف القرن التاسع عشر, وأما قبل ذلك فقد كان الاهتمام موجها للأدب وتاريخ النخبة. والكلمة Folklore ) )  مركبة من كلمتين أجنبيتين ومعناها "حكمة الشعب".
وينقسم التراث إلي قسمين: ـ
أولاً ـ  التراث المادي "المحسوس"
 ويشمل ما يلي:
1ـ المباني ( المساجد ـ الكنائس ـ المدارس ـ الأضرحة ـ الزواياـ القصورـ المنازل ـ النحت والتصوير ...الخ)
2ـ الحرف والصناعات التقليدية:
وهي التي يتم صناعتها يدوياً بالاعتماد على المواد الخام الموجودة في المنطقة
أمثلة؛ ( صناعة الصابون ـ الفخار ـ الخزف ـ عصر الزيوت ـ السلاح ـ النسيج الأثاث ـ......)

3ـ الأزياء الشعبية: الملابس وأدوات الزينة.
( ملابس الرجال ـ ملابس النساء ـ زينة المرأة     )
ثانياً: التراث الفكري
1ـ الأدب الشعبي "المأثورات الشعبية" وقد يكون معروف المؤلف ولكنه في الغالب لا يكون معروف المؤلف. وهو تراث شفاهي منقول بين الناس ويحمل أفكارهم وأحاسيسهم وثقافتهم وتصوراتهم الحياتية المختلفة. ويشمل الشعر والنثر والأهازيج والقصص والأساطير والأمثال والأحاجي (الفوازير) , والمواويل والحداء ...الخ
وبذلك يمتاز الأدب الشعبي بميزة الصيرورة والخلود, من حيث كونه ثابت ومحفوظ في الذاكرة الجماعية عن طريق الرواية الشفهية
2ـ المعتقدات والمعارف الشعبية:
(الخرافات ـ الجن ـ الغول ـ طقوس دينية (الجرس /المولود ـ التشاؤم من البومة والغراب والنجمة أم ذيل, والتفاؤل من أشياء أخرى )
3ـ الفنون الشعبية:
وتشمل الرقصات الشعبية ( الدحية والسامر والدبكة ...الخ) (الجانب العسكري في الرقصات الشعبية)
ألعاب الأولاد والبنات ( المباطحة ـ طاق طاق طاقية ـ الكورة ـ والحجلة والسيجة ...)
4ـ العادات والتقاليد الشعبية:
( الأعياد والزواج والختان ...الخ)
*  التراث الحضاري: هو كل ما يدل علي التطور الحضاري للمجتمع والدولة في جميع النواحي, السياسية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية, ولذلك فحضارة مجتمع من المجتمعات هي حق لكل أفراد هذا المجتمع؛ لأنها نتاج هذا المجتمع عبر الأجيال المتعاقبة, فلا حضارة بدون تراث. (مصر / الأهرام والتحنيط ـ العراق / قانون حمورابي والخط المسماري)
ويؤثر في التراث الشعبي بعدان مهمان:
1ـ البعد المكاني (الجغرافي): من حيث تأثر الشعب بموقعه الجغرافي وجيرانه ومن اتصل به من غزاة
وهذا يفسر وجود التشابه في الموروثات الشعبية بين الشعوب المتجاورة (سروال البحر المتوسط ـ المناطق العصية على الدولة)
(البيئة الصحراوية ـ البيئة الزراعية ـ المدن ـ السواحل )
(مثال على ذلك، التأثير المتبادل بين البادية والقرى والمدن)
وكلما زادت العلاقات كلما زادت نسبة التأثر والتأثير
2 ـ  البعد الزماني (التاريخي)
ويعني ذلك تأثير الموروثات القديمة الموغلة في القدم في عادات وتقاليد الشعوب
أمثلة" الأساطير ـ الغول ـ الجن ـ السيرة الهلالية ـ الحروب القبلية ـ قيس ويمن"

الموقف من التراث:
هناك ثلاثة مواقف تقليدية من التراث:
1ـ التمسك الحرفي بالتراث، بغثه وسمينه
2ـ الرفض الكامل للتراث
3ـ الموقف الانتقائي، حيث يتم التمسك بالجيد ونبذ غير الجيد
(الجيد: الكرم والتعاون       غير الجيد: عادة الأخذ بالثأر)

أهمية دراسة التراث الشعبي:
1ـ دراسة التراث تفيد في فهم وتفسير تاريخ الشعوب ( دخول كلمات وعادات أجنبية )
2ـ الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية في مواجهة العولمة
3ـ إحياء الذاكرة الشعبية وإبراز الهوية الوطنية وخاصة للشعب الفلسطيني المقتلع من أرضه

الشروط الواجب توافرها في باحث التراث الشعبي:
1-   المعرفة الكاملة والدقيقة للغة واللهجة التي يتكلمها المجتمع لأنه إذا لم يفهم المعاني الدقيقة للكلمات والجمل والتعبيرات فقد يقع في أخطاء كبيرة ومضحكة أحيانا وفي الغالب الأعم لا يمكن أن تتاح هذه المعرفة إلا لأبناء المجتمع محل الدراسة رغم أننا لا ننكر أن بعض المستشرقين قد قدموا دراسات جيدة في التراث الشعبي

2-   الإلمام بالثقافة الخاصة بالمجتمع المبحوث .. فكل مجتمع له ثقافته الخاصة وقيمه العليا التي تختلف من مجتمع لآخر.

3 ـ المعرفة بتأثير المجال "الجيوسياسي" "الجغرافي السياسي" على المجتمع المبحوث
التاريخ الشفوي:
هو عملية تسجيل التراث الشعبي من أفواه الناس، وتحويله إلى مادة مكتوبة ومسجلة صالحة للتحليل والدراسة
يعتمد البحث في التراث في جزء كبير منه على التاريخ الشفوي .. ومع مرور الوقت يتوفى كبار السن (حاضنة التراث) الذين يمكن الاستفادة منهم في هذا المجال .. وبموت هؤلاء المسنين يضيع قدر كبير وثمين من التراث الشعبي الذي لا يمكن تعويضه.

أهمية التاريخ الشفوي:
1 ـ توثيق التراث الشفوي وتحليله والاستفادة منه
2 ـ اشتراك أفراد الشعب في كتابة تاريخهم تفصيلات دقيقة ( تاريخ النكبة كمثال)
3 ـ يسهم في كتابة وتصحيح التاريخ المكتوب
4 ـ مواجهة العولمة التي تهدف لصب كل الناس في قالب واحد

الصعوبات التي تواجه دراسة التراث الشعبي:
1-   قلة عدد الباحثين في هذا المجال فرغم كون أن الكثيرين من الشباب قد حصلوا على أعلى الشهادات الدراسية وتبوءوا أعلى المناصب إلا أن الملاحظ عدم اهتمامهم بدراسة تراثهم الشعبي بل أننا نجد أن أحسن الدراسات التي كتبت عن التراث قد كتبت من قبل باحثين أجانب
2-   عدم توفر المصادر المالية اللازمة لعملية البحث, وطباعة الأبحاث التي تمت كتابتها من قبل الباحثين الجادين فتبقى كتاباتهم عبارة عن مخطوطات لا يطلع عليها أحد.
3-   يعتمد البحث في التراث في جزء كبير منه على التاريخ الشفوي .. ومع مرور الوقت يتوفى كبار السن الذين يمكن الاستفادة منهم في هذا المجال .. وبموت هؤلاء المسنين يضيع قدر كبير وثمين من التراث الشعبي الذي لا يمكن تعويضه.

مقترحات:
1 ـ نشر ثقافة التراث عن طريق المنابر الإعلامية بكافة أنواعها وحث الطلبة بكافة مستوياتهم على الاهتمام بالتراث "كتابة أبحاث عن مدنهم وقراهم", وتشجيع دارسي الدراسات العليا لكتابة رسائلهم الجامعية عن التراث  
2 ـ جمع والاحتفاظ بالمقتنيات التراثية وتسهيل عرضها للجمهور:
أ ـ على مستوى الأفراد (الطبيب توفيق كنعان ـ العقاد)
ب ـ على مستوى الوطن:  (الاهتمام بالمواقع الأثرية ـ بناء المتاحف), وهذه الأمور لها بعد حضاري وجمالي وبعد اقتصادي
وفي الختام فإننا نحن الباحثين في مجال التراث نهيب بالشباب عامة والمثقفين منهم خاصة الاهتمام بهذا التراث والاطلاع عليه والكتابة عنه فالتراث كنز دفين, ولا تزال عشرات المواضيع التي لم يُكتب فيها بعد .. مع التنبيه على إننا في سباق مع الزمن قبل أن يتوفى بقية المعمرين ـ مد الله في أعمارهم ـ فتراثكم أيها الشباب فيه من الخير ما يستوجب دراسته ونشره بين الناس.

الباحث: عرفان حمد أبوهويشل





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق